عبدالله المثالي.. حينما تكون الأخلاق مشروع حياة
كتب: هلال جزيلان
لم يكن يوماً يحمل شهادةً تعلق على جدار مكتبه ليثبت بها مكانته، فشهادته
الحقيقية كانت محفورةً في قلوب من عرفوه. إنه عبدالله المثالي، الرجل الذي جعل من اسمه
نبراساً يسير على هديه، ومن أخلاقه منهجاً يدرّس في جامعة الحياة.
في عالمٍ تسوده الضوضاء والصراعات، وقف عبدالله كشجرة ظليلة، تاجها التواضع،
وجذورها الإنسانية المتعمقة في تربة القيم يردد دائماً: "العمل ليس مجرد وظيفة
نمارسها، بل هو بصمة نتركها قبل أن يرحل ركب العمر."
النشأة.. حيث تتشكل القيم
نشأ "عبدالله" في حضن عائلةٍ علمته أن قيمة المرء ليست في ما
يجمعه، بل في ما يبذله كان يراقب والده وهو يوصيه: "يا بني، كن سنداً للضعيف،
وعوناً للمحتاج، وأميناً في عملك" فتشربت نفسه معنى العطاء، حتى صار العطاء سجيته.
في معترك العمل.. حيث تتجلى الأخلاق
في عالم العمل، "عبدالله المثالي" استثناءً يلفت الأنظار ليس
على رأس إدارته مجرد مسؤول يصدر الأوامر، بل كان قائداً يشارك فريقه لحظاتهم الصعبة،
يرشدهم، يدعمهم، ويحتفي بنجاحاتهم.
يحكي زملاؤه ذلك الزميل الذي مر بأزمة كادت تدفعه لليأس، لم يتردد
"عبدالله" في أن يكون العون، جمع له المساعدة دون أن يجرح كرامته، قائلاً:
"نحن كالجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى"
لم يكن يتصرف بدافع الواجب فقط، بل بدافع الإنسانية.
أزمة المشروع المستحيل: حين أوكلت إليه الإدارة في ظروف صعبة، لم يتذمر
أو يبحث عن أعذار قاد الفريق بحكمة وهدوء، ينير الدرب بنفسه، يعمل لساعات إضافية دون
كلل، محفزاً الجميع بكلماته: "الأعمال العظيمة لا تتحقق بالجهد الفردي، بل بروح
الفريق الواحد" وعندما نجح المشروع، كان أول من نسب النجاح إلى فريقه بكامله.
خارج أسوار العمل.. القلب نفسه
ليست أخلاق الرجل تتوقف عند باب المكتب في حيه، "عبدالله" هو
الأب الروحي للجميع يحل المشكلات، يصلح بين المتخاصمين، ويسعى في قضاء حوائج زملائه
وموظفيه وإدارته.
سيرة لا تُروى.. بل تُحْيَى
إن كتابة مقال عن "عبدالله المثالي" هي محاولة لاحتواء محيط
في كأس ماء كيف نُحصي بصماته التي تترك أثراً في كل من عرفه؟ كيف نُحصي الأمل الذي
بثه في النفوس، والمشاكل التي حلها، والأيدي التي مسكها؟
عبدالله المثالي هو ذلك الإنسان الذي جعل من حياته رسالة سامية هو الرجل
الذي أثبت أن القيادة ليست في المنصب، بل في القدوة والرصانة هو الذي علمنا أن النجاح
الحقيقي هو ذلك الذي يُبنى على أسس من الأخلاق والإنسانية.
طوبى لأمثال عبدالله.. فهم نجوم تضيء دروب الآخرين، وهم قدوة في زمن شحت
فيه القدوات، وهم الذين يذكروننا بأن الإنسان قد يكون أجمل مما نتصور.
ليست هناك تعليقات