مهندس الصوت الخافت.. قصة رجل ينسج خيوط التواصل بعيدًا عن الأضواء
بقلم: هلال جزيلان
00967775036841
في عالم تطغى فيه الضوضاء، وتعلو فيه الأصوات العالية، يقف هناك رجلٌ
صامت، لا يبحث عن الأضواء، لكن الأضواء تبحث عنه إنه ليس بمشاهير الشاشات، ولا من نجوم
المنصات، لكنه النجم الثاقب في سماء التواصل، والمهندس الذي يبني بيديه جسورًا من الصوت
والبيانات، تربط اليمن بعالمه، ومواطنيه ببعضهم إنه المهندس صادق محمد مصلح، ذلك الرجل
الذي حمل اسمه فأوفى به، فكان "صادق" في قيادته، "مصلح" في عمله،
لا يبحث عن مجدٍ شخصي، بل عن إنجازٍ وطني.
من رحم الهندسة.. تولد القيادة
لم يكن صعود المهندس صادق مصلح صعودًا عشوائيًا، بل كان رحلةً دراسيةً
أكاديميةً قادته من بوابة الهندسة الإلكترونية والاتصالات إلى قلب صناعة القرار لقد
فهم اللغة الخفية للأجهزة، والنبض الكهربائي للبيانات، قبل أن ينتقل إلى فهم النبض
الإنساني للفرق التي يديرها.
تدرج في المناصب كما تتدرج أجهزة الاتصال في تطورها، فمن مدير إدارة المشاريع
(2003-2005)، حيث تعلم لغة التخطيط وروح التنفيذ، إلى مدير عام التشغيل والصيانة
(2005-2007)، حيث أدرك أن حفظ حاضر الشبكة هو السبيل لتطوير مستقبلها كانت كل محطة
ليست مجرد منصب، بل هي مدرسة أعدته للحظة القيادة الكبرى.
قبطان في بحر متلاطم: قيادة يمن موبايل
ثم جاءت المحطة الأكثر تحدياً، عندما تولى المدير التنفيذي لشركة يمن
موبايل (2007-2012). في تلك الفترة، كانت صناعة الاتصالات تشهد تحولات جذرية، وكانت
المنافسة على أشدها لكن المهندس صادق، وبفضل رؤيته الثاقبة، استطاع أن يقود السفينة
في بحر متلاطم الأمواج، محققًا إنجازاتٍ واضحة في تحسين الخدمة وتوسعة التغطية، مؤمنًا
بأن الهاتف النقال لم يعد رفاهية، بل هو شريان حياة يربط الأسر ويحرك التجارة.
العودة إلى الأساس.. المدير العام للمؤسسة العامة للاتصالات
ليعود بعد هذه الرحلة الثرية إلى بيت الخبرة الأول، متسلحًا بخبرة سنوات
من العطاء، ليتولى مدير عام المؤسسة العامة للاتصالات السلكية واللاسلكية، حاملًا على
عاتقه أمانة تطوير البنية التحتية التاريخية للاتصالات في اليمن إنها مهمة شاقة، لكنه
الرجل الذي لا يعرف المستحيل، يؤمن بأن الأسلاك والنغمات التي تمر عبرها تحمل في طياتها
هموم المواطن وأحلامه.
قيادة بالأخلاق قبل الأنظمة
ما يميز المهندس صادق مصلح ليس فقط سجله الوظيفي الحافل، بل هو
"الأسلوب" أسلوب قيادة نابع من أخلاقه العالية التي يجمع عليها كل من عمل
معه قيادة لا تتعالى، بل تتواضع لا تصدر الأوامر من برج عاجي، بل تشارك الفريق همومه
وتحدياته إنه قائد يرى في موظفيه شركاء في الرحلة، لا مجرد أرقام في كشوف مرتبات. هكذا
يذكر العاملون معه دائمًا، يشيدون بتواضعه النادر، وحسه الإنساني، وقدرته على الاستماع
قبل أن يتحدث، والثقة قبل أن يأمر.
إشادة الوزير: اعتراف من القمة
وهذه الصفات النادرة لم تذهب أدراج الرياح، فقد أشاد وزير الاتصالات به
في أكثر من مناسبة، مؤكدًا أن المؤسسة بقيادة المهندس صادق تشهد نهضة حقيقية، وأنه
نموذج للكفاءة والإخلاص والنزاهة كانت كلمات الوزير اعترافًا رسميًا بما يعرفه الجميع:
أن الرجل هو الرجل المناسب في المكان المناسب.
إن قصة المهندس صادق محمد مصلح هي ليست مجرد سيرة ذاتية لوظائف شغلها،
بل هي ملحمة إنسانية عن رجل آمن برسالة الاتصال إنه ذلك "المهندس" الذي لا
يكتفي بفهم هندسة الإلكترونيات، بل أتقن "هندسة النفوس" و"هندسة بناء
الثقة" إنه الرجل الذي يمشي في الممرات بهدوء، لكن خطواته تترك أثرًا عميقًا في
مسيرة الاتصالات في اليمن.
ليست هناك تعليقات